الابتسامات النبوية لعائشة و في بيتها
- التفاصيل
- التصنيف: بيته
- تم إنشاءه بتاريخ 05 تشرين1/أكتوير 2013
- كتب بواسطة: الشيخ عبدالله نجيب سالم
- زيارات: 4080
أحب زوجاته وآثرهن عنده
عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها، من النساء الشهيرات في الدنيا . . . صحابية جليلة وعالمة كبيرة، إحدى زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أحبهن إليه وأقربهن إلى قلبه . . . وهي الزوجة الوحيدة التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً . . . لا ينكر فضلها، ولا يخفى مقامها ولا تجهل رتبتها . . . يكفيها شرفاً أن تلقب بحبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد ابن سعد في (الطبقات) عن مصعب بن سعد قال فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة الفين وقال:
إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن سعد كذلك عن قيس بن أبي حازم أن عمرو بن العاص قال: يا رسول الله من أحب الناس إليك قال: عائشة.
كان بساماً في بيته مع نسائه r
هذه الزوجة الأثيرة والمرأة الشريفة كان لها نصيب وأي نصيب من ابتسامات النبي صلى الله عليه وسلم . . . فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بساماً في بيته ولنسائه بشكل عام . . . إذ لم يعرف عنه العبوس والزجر والتجهم والتكبر في البيت أبداً . . . بل كان سهلاً بشوشاً مرحاً في بيته يضفي عليه الهدوء والسكينة وينشر في جنباته الفرحة والبشر.
يقول ابن كثير في (تفسيره): وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر يداعب أهله ويتلطف بهم ويوسعهم نفقة ويضاحك نساءه
فإذا كان ذلك عامة حاله صلى الله عليه وسلم مع أزوجه جميعاً في بيوته كلها . . . فكيف مع أحبهن إلى قلبه وأقربهن إلى لبه.
لعائشة من الود ما ليس لغيرها
قال ابن القيم في (زاد المعاد) : ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها، وكانت أحب الخلق إليه، ونزل عذرها من السماء (أي براءتها وشرفها) واتفقت الأمة على كفر قاذفها، وهي أفقه نسائه وأعلمهن، بل أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق، وكان الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرجعون إلى قولها ويستفتونها.
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : أُريتك في المنام مرتين أرى أنك في سَرَقة (أي أرى صورتك في قطعة) من حرير ويقال : هذه إمرأتك، فاكشف عنها فإذا هي أنت، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه.
لعب وصور، وابتسامة نبوية
ومما روى عن ابتسامات النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وملاطفتها ما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها (مخدعها) ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب.
فقال : ما هذا يا عائشة؟
قالت: بناتي. ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع
فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟
قالت: فرس
قال: وما هذا الذي عليه؟
قالت : جناحان.
قال: فرس له جناحان؟
قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة.
قالت: فضحك حتى بدت نواجذه.
وهذه اللعب التي ضحك منها النبي صلى الله عليه وسلم لها من ملاطفة الرسول صلى الله عليه وسلم حديث آخر.
فعن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكن لي صواحب يأتيني فيلعبن معي، فينقمعن إذا رأين رسول الله. وكان رسول الله يسرّبهن إلي (وفي رواية يدخلهن) إلي فيلعبن معي وفي رواية (كان يرسل إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها).
انها ابنة أبي بكر... وابتسامة
ومن ابتساماته صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ما أخرجه الإمام أحمد في (المسند) عن الزهري عن محمد بن عبدالرحمن الحارث عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنت والنبي صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها فأذن لها فدخلت عليهن فقالت: يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي بنية ألست تحبين ما أحب قالت: بلى قال: فأحبي هذه لعائشة فقامت فاطمة فخرجت فجاءت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش فاستأذنت فأذن لها فدخلت
فقالت: يا رسول الله أرسلني إليك أزواجك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت عائشة: ثم وقعت بي زينب. قالت عائشة: فطفقت أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم متى يأذن لي فيها فلم أزل حتى عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتظر. قالت: فوقعت بزينب فلم أنشبها أن أقحمها فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: إنها ابنة أبي بكر.
وعند ابن ماجه ن زينب لما دخلت بيت عائشة وكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وهي غضبى قالت: يا رسول الله أحسبك إذا قلبت بنية أبي بكر ذريعتها . . . أي ذراعيها ثم أقبلت علي فأعرضت عنها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: دونك فانتصري فأقبلت عليها حتى رأيتها وقد يبس ريقها في فيها ما ترد علي شيئاً فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه فرحاً.
غارت أمكم...
ومن مداعباته صلى الله عليه وسلم وملاطفته لعائشة ما جاءني في كتاب (مسائل الإمام أحمد) عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين صحفة فيها طعام فضربت التي في بيتها يد الخادم فسقطت الصفحة وانفلقت فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفلقتين، ثم جعل فيها الطعام الذي كان في الصفحة ويقول: غارت أمكم. وحبس الخادم حتى أتى بصفحة من عند التي هو في بيتها فدفع الصفحة الصحيحة إلى التي كسرت صفحتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت . . . ويقول الإمام أحمد: إن أم المؤمنين التي كان النبي في بيتها هي عائشة رضي الله عنها.
أكل هذا الاسترجاع من أجل هذه الشركة؟
ومن ابتساماته صلى الله عليه وسلم لعائشة ما ذكره السيوطي في (الدر المنثور) قال: أخرج الديلمي عن عائشة قالت: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لدغته شوكة في إبهامه، فجعل يسترجع منها ويمسحها، فلما سمعت استرجاعه دنوت منه فنظرت، فإذا أثر حقير. فضحكت
فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أكل هذا الاسترجاع من أجل هذه الشوكة؟! فتبسم ثم ضرب على قلبي فقال: يا عائشة إن الله عز وجل إذا أراد أن يجعل الصغير كبيراً جعله، وإذا أراد أن يجعل الكبير صغيراً جعله!!
الابتسامة الكبرى عند البراءة العظمى
ولعل أعظم ابتسامة من النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة تلك التي فرج الله عنها الغم وأظهر البراءة وكذب المنافقين حين أنزل براءتها مما رماها به المنافقون والأفاكون في عشر آيات تتلى من كتاب الله من سورة النور (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم . . . . )(1)
روى البخاري حديث الإفك وهو حديث طويل نقتطف منه ما يلي: قالت عائشة رضي الله عنها بعد أن ذكرت تزاحم الشكوك والاتهامات من حولها قالت: (وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله بريء ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله ينزل في شأني وحياً يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها. قالت: فوالله ما دام رسول الله ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول، فكانت أول كلمة تكلم بها ـ يا عائشة أما أنت فقد برأك الله فقالت أمي: قومي إليه فقالت فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله الذي برأني.
زاد الطبري: فوالله الذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب مازال يضحك حتى أني لأنظر إلى نواجذه سروراً ثم مسح عن وجهه فقال: يا عائشة أبشري قد أنزل الله عذرك قلت: بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد أصحابك.
وقد أشار الإمام ابن حجر إلى فائدة ابتسامته صلى الله عليه وسلم عند نزول براءة عائشة رضي الله عنها بقوله: يؤخذ من الحديث تدريج من وقع في معصية فزالت عنه، لئلا يهجم على قلبه الفرح من أول وهلة فيهلكه، يؤخذ ذلك من ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الوحي ببراءة عائشة بالضحك، ثم بتبشيرها، ثم إعلامها ببراءتها مجملة، ثم تلاوته الآيات على وجهها، وقد نص الحكماء مع أن من اشتد عليه العطش لا يمكّن من المبالغة في الري في الماء لئلا يفضي به ذلك إلى التهلكة بل يجرع قليلاً قليلاً.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إذا كان يوم القيامة حد الله الذي قذفوا ثمانين ثمانين على رؤوس الخلائق فيستوهب ربي المهاجرين منهم فاستأمرك يا عائشة فسمعت عائشة الكلام وهي في البيت فبكت ثم قالت: والذي بعثك بالحق نبياً لسرورك أحب إلي من سروري.
فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً وقال: إنها ابنة أبيها.
ابتسامة من أجل أسامة وزيد
ومن ابتساماته صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة - وهي كثر - ما رواه النسائي عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليَّ مسروراً تبرق أسارير وجهه فقال: ألم تري أن مجززاً (وهو أحد القافة المتفرسين) نظر إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد (وكانا نائمين في المسجد وقد غطيا أجسادهما ولم تظهر سوى أقدامهما؟ فقال: إن هذه الأقدام لمن بعض).
وأخرى بعد مسابقة وجري
ونقل الكتاني في (التراتيب الإدارية) عن سند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس:تقدموا فتقدموا ثم قال: حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عني، حتى حملت اللحم وبدنت وسمنت، وخرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا
فقال: أسابقك فسبقني فجعل يضحك ويقول: هذه بتلك. . .
أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما !:
عن النعمان بن بشير قال جاء أبو بكر يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له فدخل ، قال يا ابنة أم رومان وتناولها : أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها قال فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك قال ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها قال فأذن له فدخل فقال له أبو بكر يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.رواه أحمد في مسنده
لقد دعوت ِ الله باسمه الأعظم :
وجاء في سنن ابن ماجه عن عبد الله بن عكيم الجهِنيِ، عن عائشة قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ (اللهمَّ! إني أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ الْمُبَارَكِ الأَحَبَّ إِلَيْكَ، الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ. وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ. وَإِذَا اسْتُرْحِمْتَ بِهِ رَحِمْتَ. وَإِذَا اسْتُفْرِجْتَ بِهِ فَرَّجْتَ) قَالَتْ: وَقَالَ، ذات يَوْمٍ (يَاعَائِشَةُ! هَلْ عَلِمْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ دَلَّنِي عَلَى الاِسْمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ؟) قَالَتْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! فَعَلِّمْنِيِه. قَالَ (إِنَّهُ لاَ يَنْبَغي لَكِ، يَاعَائِشَةُ!) قَالَتْ، فَتَنَحَّيْتُ وَجَلَسْتُ سَاعَةً. ثُمَّ قُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ، ثُم قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! عَلَّمْنِيهِ. قَالَ (إنَّه لاَ يَنْبَغي لَكِ، يَاعَائِشَةُ! أَنْ أُعَلِّمَكِ. إِنَّهُ لاَ يَنْبَغي لَكِ أَنْ تَسْأَلِينَ بِهِ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا) قَالَتْ؛ فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ. ثُمَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ قلْتُ: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَدْعُوكَ اللهَ. وَأَدْعُوكَ الرَّحْمنَ. وَأَدْعُوكَ البَرَّ الرَّحِيمَ. وَأَدْعُوكَ بِأَسْمَائِكَ الْحُسْنَى كُلِّهَا، مَاعَلِمْتُ مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. أَنْ تَغْفِرَ لِي وتَرْحَمَنِي. قَالَتْ، فَاسْتَضْحَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ (إِنَّهُ لَفِي الأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَوْتِ بِهَا)
إنها ابتسامات نبوية شتى التقطنا بعض أطرافها لنرى كيف كانت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بالفرحة والابتسامة والبشاشة.
---------
(1) سورة النور/ 11