كلمات في وصف النبي صلى الله عليه وسلم
- التفاصيل
- التصنيف: بشريته
- تم إنشاءه بتاريخ 05 تشرين1/أكتوير 2013
- كتب بواسطة: د. محمود محمد ناصر بركات
- زيارات: 6705
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام جعلهم الله بحكمته مثالَ الكمال الإنساني في أرقى صوره وأجمله، فهم الغاية في التمام والجمال الخَلْقي والخُلُقي، وهم أطهر البشر قلوباً، وأزكاهم أخلاقاً.
وفي شهر ربيع الأول شهر مولد النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم ـ كما تعارفت الأمة على ذلك ـ يستروح الناس نسائم الشمائل المحمدية، ويرتاحون لذكرها والترنم بها، ويطربون لسردها وقراءتها وسماعها.
وما دمنا في شهر ربيع الخير فإني أحببت أن أتشرف بذكر ومضات وقبسات من صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلْقية، وهي جزء من علم الشمائل المحمدية الذي حوى أوصافه الخَلْقية والخُلُقية وما يتعلق به وبأسرته وبيته.
وقلت في نفسي: إن الله تعالى لم يكتب لنا شرف رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فلنستمع لوصف بعض من تشرف برؤية النبي صلى الله عليه وسلم رؤية المحب الصادق الذي ينشر في الآفاق أدق أوصاف محبوبه فرحاً مفاخراً، وداعياً الناس للتعلق بمحبوبه ولله شاكرا.
أولاً: حديث هند بن أبي هالة التميمي رضي الله عنه في صفة النبي(1) صلى الله عليه وسلم :
قال الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه عنهما: سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم وكان وصافاً له، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئاً لعلي أتعلق به فقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخماً مفخماً،
يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المَربوع(1)، وأقصر من المُشَذب(2) عظيم الهامة(3)، رَجل الشعر(4)، إن انفرقت عقيصته فَرَق، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذ وَفّره(5)، أزهر اللون(6)، واسع الجبينين(7)، أزَجَّ الحواجب(8) سوابغ في غير قَرَن(9)، بينهما عِرْق يُدِرّه الغضب(10) أقنى العرنين، له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشمّ(11)، كث اللحية(12) سهل الخدين(13)، ضليع الفم(14)، أشنب(15)، مفلَّج الأسنان(16)، دقيق المَسْرُبة(17)، كأن عنقه جيد دِمْية(18) في صفاء الفضة، معتِدلَ الخلق(19)، بادنا متماسكا(20)، سواءَ البطن والصدر، عريضَ الصدر(21)، بعيدَ ما بين المنكبين(22)، ضخم الكراديس(23)، أنورَ المتجرّد(24)، موصول ما بين اللّبّةِ والسرة بشعر يجري كالخط (25)، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك(26)، أشعرَ الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين(27)، رَحْب الراحة(28)، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين(29)، سائل الأطراف، خُمصان الأخمصين(30) مسيح القدمين ينبو عنهما الماء(31)، إذا زال زال قَلَعا(32)، يَخْطُو تكفئا، ويمشي هَوْنا، ذريع المشية(33)، إذا مشي كأنما ينحَطُّ من صَبَب(34)، وإذا التفتَ التفتَ جميعاً(35)، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جُلُّ نظره الملاحظة(36)، يسوق أصحابه، ويبدأ من لقيه بالسلام(37)
قلت: صف لي مَنْطِقه.
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكر، ليست له راحة، طويل السكت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً لا فضول ولا تقصير(38)، دمثا ،
ليس بالجافي ولا المُهين(39)، يعظم النعمة وإن دقت ولا يذم منها شيئاً، غير أنه لم يكن يذم ذواقاً ولا يمدحه(40)، ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان منها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له(41)، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قَلَبها، وإذا تحدث اتصل بها، فيضرب بباطن راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى(42)، فإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه(43)، جُلُّ ضَحِكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام(44).
قال الحسن: فكتمتها الحسين زماناً، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألته ووجدته قد سأل أباه – يعني عليا كرم الله وجهه – عن مدخله ومخرجه وشكله(45) فلم يدع منها شيئا.
فقال: كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزّأَ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءاً لله عز وجل، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزءاً جزءه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة بالخاصة، ولا يدخر عنهم شيئاً(46).
وذكر دخول أصحابه عليه فقال: يدخلون روّادا، ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة(47)،
وذكر مجلسه فقال: مجلس حلم وحياء، وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تُؤْبن فيه الحرم، ولا تثنى فلتاته(48)، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا فحاش ولا عياب ولا مداح ولا يقبل الثناء إلا من مكافىء(49).
ثانياً: ما جاء من وصفه صلى الله عليه وسلم في السابقين:
روى ابن سعد عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى(50) قال: " أوحى الله إلى شعيا (نبي من أنبياء بني إسرائيل) إني باعث نبياً أمياً أفتح به آذانا صما وقلوبا غلفا وأعينا عميا، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام، عبدي المتوكل المصطفى المرفوع، الحبيب المنتخَب المختار، لا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ويغفر، رحيما بالمؤمنين، يبكي للبهيمة المثقَلة، ويبكي لليتيم في حِجْر الأرملة، ليس بفظّ ولا غيظ ولا سخاب في الأسواق ولا متزين بالفحش ولا قّوال بالخنا، لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب الرعراع(51)، يعني اليابس، لم يُسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشراً ونذيراً، أُسدده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرتَه، والحق شريعتَه، والهُدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمدَ اسمه، أَهدي به بعد الضلالة وأُعلِّم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأسمّي به بعد النُّكرة، وأكثِّر به بعد القِلّة، وأغني به بعد العَيْلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأُؤلِّف به بين قلوب وأهواء متشتتة وأممٍ مختلفة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، أمراً بالمعروف ونهيا عن المنكر، وتوحيداً وإيمانا بي وإخلاصا لي، وتصديقاً بما جاءت به رسلي، وهم رعاة الشمس، طوبى لتلك القلوب والوجوه والأرواح التي أخلصت لي، ألهمهم التسبيح والتكبير والتحميد والتوحيد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، يصفّون في مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشي، هم أوليائي وأنصاري، أنتقم بهم من أعدائي عبدة الأوثان، يصلّون لي قياماً وقعوداً وركعاً وسجوداً، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألوفا، فيقاتلون في سبيلي صفوفاً وزحوفاً، أختم بكتابهم الكتب وبشريعتهم الشرائع وبدينهم الأديان، فمن أدركهم فلم يؤمن بكتابهم ويدخل في دينهم وشريعتهم فليس مني وهو مني بريء، وأجعلهم أفضل الأمم، وأجعلهم أمة وسطا، شهداء على الناس، إذا غضبوا هلّلوني، وإذا قبضوا كبّروني،، وإذا تنازعوا سبّحوني، يطهّرون الوجوه والأطراف، ويشدّون الثياب إلى الأنصاف، ويهللون على التلال والأشراف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم، رهبانٌ بالليل، ليوثٌ بالنهار، ويناديهم مناديهم في جوِّ السماء، لهم دويّ كدوي النحل.
طوبى لمن كان معهم وعلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم"
ثالثاً: فوائد ذكر صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلقية والخُلقية:
1ـ ما ذكره سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما في أول حديثه أنه سأل خاله هند بن أبي هالة عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يزيد حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلبه فيزداد تعلقه به ويسعى للتشبه بسيرته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم.
2ـ قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً)(الأحزاب: الآية21) ولا يمكن اتباع القدوة إلا إذا عُرفت أحواله، وقد أكرمنا الله تعالى بحفظ جميع صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخاصة والعامة وفي جميع أحواله كي يتيسر لنا متابعته، وقد بيّن سبحانه أنه صلى الله عليه وسلم "أسوة حسنة" فإذا علم المؤمن صفات قدوته وعلم أنها الغاية في الكمال سعى بنفسه للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
3ـ لقد نقلت إلينا صفات بعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ونقل إلينا أن النبي صلى الله عليه وسلم أكملهم وأتمهم وأجملهم خَلْقاً وخُلُقاً، فحرص الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم على الاعتناء بنقل صفات أتم البشر، حمداً لله تعالى على خلقه، وتصوراً في الذهن لصورة الإنسان الكامل، ولقد جعل العلماء ذلك جزءاً من الدين وأفردوا له المصنفات الخاصة بشمائله صلى الله عليه وسلم.
4ـ لقد نقلت آنفا نصين في صفات النبي صلى الله عليه وسلم وصفات أمته: نص من الكتب السابقة، ونص ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، والتطابق بين النصين ظاهر وواضح في الأغلب، وهذا يزيد اليقين بصدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه، وأنه هو الذي بشرت به الكتب الأخرى، وليكون ذلك حجة على الذين يعرفونه – صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم – ثم يكفرون به.
فائدة:
أول من كتب في الشمائل المحمدية وأفرد لها: الإمام الفذ المحدث أبو عيسى محمد بن سورة الترمذي (209 ـ 279هـ) كان يضرب به المثل في الحفظ، ألف كتابه (الشمائل النبوية) فجمع فيه شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم وكل من جاء بعد من العلماء الذين كتبوا في الشمائل اقتفى أثره.
اللهم زد هذا النبي حباً وتشريفاً وتعظيماً وحباً منك له، وأجعلنا ممن تؤتيهم فضلك العظيم بحبه حباً يزيد على حبنا لأنفسنا وأهلينا وأموالنا وأكرمنا باتباع سيرته صلى الله عليه وسلم والالتزام بمنهج شريعته المرضي عندك.
اللهم آمين آمين آمين، وصل وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
___________________________________
الهوامش:
(1) النص المنقول مع شرح معانيه مأخوذ من (موسوعة نضرة النعيم 1/419 وما بعدها، باختصار)، طبع دار الوسيلة – جدة – ط 1 – 1418هـ
(1) المربوع: المعتدل القامة، وسطاً بين الطويل والقصير.
(2) المشذب: الطويل البائن الطول، مع نقص في لحمه، والمراد أنه ليس بنحيف طويل، بل طوله وعرضه متناسبان على أتم صفة.
(3) الهامة: الرأس، وعظم الرأس دليل على وفور العقل.
(4) الشعر الرجل: الذي ليس شديد الجعودة، ولا شديد السبوطة بل بينهما.
(5) العقيصة: الشعر المجموع كهيئة المضفور، وقيل: هي الخصلة من الشعر إذا عقصت. والانفراق: الفصل بين الشيئين، أي كان لا يفرق شعره إلا أن ينفرق هو لنفسه، ووفره: إذا أعفاه عن الفرق، يعني أن شعره إذا فرقه تجاوز شحمة أذنيه، وإذا ترك فرقه لم يجاوزها.
(6) اللون الأزهر: الأبيض المضيء المستنير.
(7) الجبينان: ما عن جانبي الجبهة من مقدم الرأس.
(8) الزجج: دقة الحاجبين وسبوغهما إلى محاذاة آخر العين مع تقوس خلقة، وقد تفعله النساء تكلفا، وقد نُهي عنه.
(9) القرن: أن يلتقي طرفاهما مما يلي أعلى الأنف، وهو غير محمود عند العرب، والمراد أن حاجبيه قد سبغا وامتدا حتى كادا يلتقيان ولم يلتقيا. والسوابغ جمع سابغ: وهو التام الطويل.
(10) يدره الغضب: يحركه ويظهره، كان إذا غضب امتلأ ذلك العرق دما.
(11) العرنين: الأنف، والقنا: طول الأنف ودقة أرنبته مع ارتفاع في وسط قصبته، والشمم: ارتفاع رأس الأنف وإشراف الأرنبة قليلاً، واستواء أعلى القصبة، والمراد أنه كان يحسب لحسن قناه قبل التأمل أشم، فليس قناه بفاحش مُفرطٍ، بل يميل يسيراً إلى الشمم.
(12) الشعر الكث: الكثيف المتراكب من غير طول ولا رقة.
(13) سهل الخدين: أي ليس في خديه نُتُوٌّ وارتفاع، وقيل: أراد أن خديه أسيلان، قليلا اللحم، رقيقا الجلد.
(14) الضليع الفم: العظيم الواسع.
(15) الشنب: رقة الأسنان ودقتها، وتحدد أطرفها.
(16) الفلج: تباعد ما بين الثنايا والرباعيات.
(17) المسرُبة بضم الراء: ما دق من شعر الصدر، سائلا إلى السرة
(18) الجيد: العنق، وإنما ذكرهما لئلا يتكرر لفظ واحد، والدمية: الصورة المصورة في جدار أو غيره.
(19) اعتدال الخلق: تناسب الأعضاء والأطراف، وألا تكون متباينة مختلفة في الدقة والغلظ، والصغر والكبر، والطول والقصر.
(20) البادن: الضخم التام اللحم، والمتماسك: الذي لحمه ليس بمسترخ ولا متهدل.
(21) سواء البطن والصدر: أي متساويهما، يعني أن بطنه غير خارج فهو مساوٍ لصدره، وعريض فهو مساو لبطنه.
(22) المنكبان: أعلى الكتفين، وبعدما بينهما يدل على سعة الصدر والظهر.
(23) الكراديس: جمع كردوس وهو رأس كل عظم كبير، وملتقى كل عظمين ضخمين، كالمنكبين والمرفقين، والوركين والركبتين، ويريد به ضخامة الأعضاء وغلظها.
(24) المتجرد والمجرد: ما كشف عنه الثوب من البدن، يعني أنه كان مشرق الجسد نير اللون.
(25) الأشعر: الذي عليه الشعر من البدن، واللَّبة: الوهدة التي في أعلى الصدر، وفي أسفل الحلق بين الترقوتين.
(26) عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك: أي أن ثدييه وبطنه ليس عليها شعر سوى المسربة.
(27) الزندان: العظمان اللذان يليان الكف من الذراع، رأس أحدهما يلي الإبهام، ورأس الآخر يلي الخنصر.
(28) الراحة: الكف، ورحبها: سعتها وهو دليل الجود، كما أن ضيقها وصغرها دليل البخل.
(29) الششن: اللغيظ الأطراف والأصابع وكونها سائلة، أي ليست بمنعقدة ولا متجعدة، فهي مع غلظها سهلة سبطة، والقصب: جمع القصبة وهي كل عظم أجوف فيه مخ، والسبط: الممتد في استواء، ليس فيه تعقد ولا نتو، ويوصف به الشعر والأعضاء والجلد.
(30) الأخمص من القدم الموضع الذي لا يصل إلى الأرض منها عند الوطء، والخمصان المبالغ منه، أي أن ذلك الموضع من رجله شديد التجافي في الأرض.
(31) مسيح القدمين: أي أن ظاهرهما ممسوح غير منعقد، فإذا صب عليهما الماء مر سريعاً لملاستهما فينبو عنهما الماء ولا يقف.
(32) قَلْعا، ويروى قَلِعا، ويروى قُلْعا: والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض، أراد أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة، وقد جاءت صفته في حديث آخر "إذا مشي تقلع" أراد به قوة مشيه، وأنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعاً قوياً، لا كمن يمشي اختيالاً ويقارب خطوه فإن ذلك من مشي النساء ويوصفن به.
(33) التكفؤ: تمايل الماشي إلى قدام، والأصل في التكفؤ إذا كان مهموزاً أن يكون بضم الفاء وإذا كان معتلاً (أي بتسهيل الهمزة) يكون بكسرها. أفاده ابن الأثير في منال الطالب، والهون: المشي في رفق ولين غير مختال ولا معجب، والذريع: السريع أي أنه كان واسع الخطو فيسرع مشيه.
(34) الصبب: الموضع المنحدر من الأرض، وذلك دليل على سرعة مشيه لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشيه.
(35) وإذا التفت التفت جميعا: أي لم يكن يلوي عنقه ورأسه إذا أراد أن يلتفت إلى ورائه، فعل الطائش العجل، إنما يدير بدنه كله وينظر، وقيل أراد أنه كان لا يسارق النظر.
(36) الطرف: العين، خفض الطرف: ضد رفعه، وهو الغض منه والإطراق، جل الشيء: معظمه وأكثره، الملاحظة: أن ينظر الرجل بلحظ عينه وهو شقها الذي يلي الصدغ والأذن، ولا يحدق إلى الشيء تحديقا، و"نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء"، تفسير لخفض الطرف والملاحظة.
(37) يسوق أصحابه: أي يقدمهم أمامه، ويمشي وراءهم.
(38) تواصل أحزانه، ودوام فكره، وعدم راحته، لاهتمامه بأمر الدين والقيام بما بعث به وكلف تبليغه وخوفه من أمور الآخرة والسكت: السكوت، والأشداق: جمع شدق وهو جانب الفم وإنما يتكلم الرجل بأشداقه لرحبها وسعتها، والعرب تمتدح بذلك. وجوامع الكلم: هي القليلة الألفاظ الكثيرة المعاني، والقول الفصل: هو البين الظاهر المحكم الذي لا يعاب قائله، والفضول من الكلام: مازاد عن الحاجة وفضل.
(39) الدمث: السهل اللين الخلق، والجافي: المعرض المتباعد عن الناس، والمهين: بضم الميم من الإهانة وهي الإذلال والإطراح، أي لا يهين أحداً من أصحابه أو من الناس، ويفتح الميم من المهانة وهي الحقارة والصغر.
(40) يعظم النعمة: لا يستصغر شيئاً أوتيه وإن كان صغيراً، دق الشيء: إذا صغر مقداره، والذواق: اسم ما يذاق باللسان أي لا يصف الطعام بطيب ولا بشاعة.
(41) "إذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد" أي إذا نيل من الحق أو أهمل أو تعرض للقدح فيه تنكر عليهم وخالف عادته معهم حتى لا يكاد يعرفه أحد منهم، ولا يثبت لغضبه شيء حتى ينتصر للحق، والتعاطي: الأخذ والتناول.
(42) وإذا تحدث اتصل بها: أي أنه كان يشير بكفه إلى حديثه، وجملة فيضرب بباطن راحته.. إلخ تفسير لها.
(43) أشاح: بالغ في الإعراض وجدّ فيه، أي: إذا غضب لم يكن ينتقم ويؤاخذ، بل يقنع بالإعراض عمن أغضبه، وغض الطرف عند الفرح: دليل على نفي البطر والأشر.
(44) التبسم: أقل الضحك وأدناه، يفتر: أي يكشف عند التبسم عن أسنانه، في غير قهقهة، والغمام: السحاب، وحبه: البرد.
(45) الشكل هنا: السيرة والطريقة.
(46) أوى: رجع، التجزئة: القسمة، والجزء المختص بالله تعالى: هو اشتغاله بعبادته ومناجاته في ليله ونهاره، والجزء المختص بأهله: هو الوقت الذي يصحبهم ويعاشرهم فيه، والجزء المختص بنفسه، هو الذي لا يتعبد فيه ولا يعاشر أهله فقسمه بقسمين بينه وبين الناس "يرد ذلك على العامة بالخاصة" أراد أن العامة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت فكانت الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه، فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة بالخاصة، وقيل إن الباء في "الخاصة" بمعنى من أي يجعل وقت العامة بعد وقت الخاصة وبدلاً منهم.
(47) الرواد جمع رائد: وهو الذي يتقدم القوم يكشف لهم حال الماء والمرعى قبل وصولهم، ويخرجون أدلة جمع دليل: أي يدلون الناس بما قد علموه منه وعرفوه، يريد أنهم يخرجون من عنده فقهاء، ويروى أدلة جمع دليل: يريد يخرجون من عنده متواضعين متعظين بما سمعوا، "ولا يفترقون إلا عند ذواق" ضرب الذواق مثلاً لما ينالون عنده من الخير، أي لا يتفرقون إلا عن علم يتعلمونه، يقوم لهم مقام الطعام والشراب، لأنه يحفظ الأرواح كما يحفظان الأجسام.
(48) لا تؤبن: لا تقذف ولا ترمي بعيب، والحرم جمع حرمة وهي المرأة وما يلزم الإنسان حفظه وصونه. لا تثنى فلتانه: أي لا يتحدث عن مجلسه بهفوة أو زلة إن حدثت فيه من بعض القوم، الفلتات جمع فلتة: وهي هنا الزلة والسقطة، وقيل معناه: أنه لم تكن فيه فلتات فتثنى أي تذاع.
(49) الإطراق: خفض الرأس وإدامة النظر إلى الأرض بين يديه كأنما على رؤوسهم الطير: أراد وصفهم بالسكون والثبات في المجلس لأن الطير لا تسقط إلا على ساكن، والبشر: طلاقة الوجه وبشاشته، والفظ: السيء الخلق، والسخاب: من السخب وهو الضجة واضطراب الأصوات، والفحاش والعياب: مبالغة من الفحش في القول وعيب الناس والوقيعة فيهم. لا يقبل الثناء إلا من مكافيء: أراد أنه كان إذا ابتدىء بثناء ومدح كره ذلك، وإذا اصطنع معروفاً فأثنى عليه مُثْنٍ وشكر له قبل ثناءه، وقيل: المعنى أنه لا يقبل الثناء عليه ممن لا يعرف حقيقة إسلامه، ولا يكون من المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وقيل: إنه لا يقبل الثناء إلا من مقارب غير مجاوز حد مثله، ولا مقصر عما رفعه الله إليه، والمكافأة: المجازاة على الشيء، والتكافؤ: التساوي.
(الحديث وشرحه في منال الطالب لابن الأثير تحقيق د. محمد الطناحي: ص 197-ص 217 – مطبعة المدني بالقاهرة نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة 1979).
(50) هذا النص منقول من (سبل الهدى والرشاد للإمام الصالحي الشامي – ج 1/ 120 – 121، طبع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر – 1418هـ وبتحقيق د. مصطفى عبدالواحد).
(51) الرعراع: الطويل، قال ابن قتيبة: إذا طال القصب فهبت عليه أدنى ريح، أو مر به ألطف شخص: تحرك وصوت، فأراد الله عز وجل أن النبي صلى الله عليه وسلم وقور ساكن الطائر.